الاثنين، 17 أغسطس 2009

المسترخي

نحمدك اللهم حمداً.. لأجل أخينا موتِ الجسدْ.. الذي لا ينجو منه أيّ إنسانٌ حيّ!


هكذا هي الدنيا.. "إيييييه"، بتنهيدة، هكذا، كمن يجلس مسترخياً على دكّة وضعها على طرف بستانه، فارداً رجله الأولى، وثانياً الثانية، واضعاً كوعه على ركبته، ويده الأخرى تمسك طرف ليّ نرجيلة، ليست بأيّ حال، بنكهة التفاح أو الكنتالوب أو جوز الهند، فهذة الصورة لا تحتمل إلا التفاصيل الكلاسيكية والأشياء الكلاسيكية.



والطوبي لمن يتمّمُ إرادتكَ المقدّسة.. إذ لم يطالهم الموت الثاني!


هكذا هو الاسترخاء، كشخصٍ أتمَّ كلَّ مشاريعهُ في هذه الدنيا وجلس على دكّته، يشرب نرجيلته وشايه، ويستمع إلى زقزقة العصافير ويشاهد منظر الغروب، يشتمّ رائحة الورد، يعبث بطرف شاربه، ويتنهد بنفس طيبة وبالٍ مرتاح: "إييييييييه.. دنيا".



إنّ في قتلي حياتي.. وحياتي في مماتي.. ومماتي في حياتي!


هكذا هي النشوة، أن يستخدم الرجل كلَّ حواسه، يعبث بأعضائه الجنسية ويشعر بضخامتها، يعرّي جزءاً من سرواله ليظهر طرف شيئه فتنتفخ غدد الفخر فيه ويكاد، لولا الكسل، ولو كان شاعراً مفوّهاً، أن يرتجل، كابن حلّزة، معلّقةً، كالمعلّقات الجاهليّة، يفخر فيها بحجم شيئه الفريد، يستطعم طعم شايه المغليّ جيداً ويستحلب نكهة النعنع، يسترق السمع نحو جارته العروس وهي تطلب من زوجها أن يفعل المزيد، يشاهد الأشياء من حوله دونما أن يركز على هدف معيّن، يشمشم بقايا رائحة سائله المنويّ العالق بطرف سرواله.. يتعرّق من وهج الفكرة ورائحة الذكرى.. يسحب نفساً عميقاً من نرجيلته ويتمتم: "إييييييييه.. دنيا".


حواس المسترخي هي العبث.. التعرية.. الفخر.. الاستراق.. المشاهدة.. الشمشمة.. التعرّق.. السحب.. والتمتمة.



سَئِمَتْ روحي حياتي.. في الرسومِ البالياتِ!


مع المسترخي، عادةً، في المشهد الكلاسيكي، مسبحة، يحملها في يده الأخرى، التي لا يستخدمها للعبث بشيئه، وهي غالباً، تكون يده اليسرى ما لم يكن أعسراً.



وحدةُ الحقيقةِ العارية تمحو الأسبابَ كلها.. تجعلني في هذا الفناء!


ويلٌ لمن يقتحم المشهد.. فمن يتخطّى حدود المسترخي له عذابٌ أليم.. أما أتاكَ حديثُ الولدِ الصغير.. ذو الشيء الصغير.. لاعبُ الكرة.. آكلُ الحلوى.. من لا يعرف الاسترخاء ولا العبث ولا التعرية ولا الفخر ولا استراق السمع ولا المشاهدة ولا الشمشمة ولا السحب ولا التمتمة.. فهو أثّام غليظ.. كذّاب لئيم.. اقتلوه وعذبوه وهو صاغرٌ.. قبيحٌ سيء الخلقِ لا يليق بالمرور أمام الملول.. نجسٌ لا يتطهّر.. مولع بالحراك فهو لعين.. لن نهبه إلا عذاب السعير.



أنا عِندي محوُ ذاتي.. من أجلِّ المكرماتِ!


ومن الجواري حورٌ عين.. تأتمل مرورهنّ فيأبين.. فاغرق، أيها المسترخي، في استرخائك، واتّكئ مزيداً من الاتكاء على أريكتك.. وواصل عبثك واستخدم حواسك.. فأنتَ إن وجدتها فهي لكَ.. فاستخدمها فالله يلعن كلَّ تاركٍ لما يهب.. اعبث فتصل إلى حاستك المجيدة.. أما أتاك حديث الذي واصل استرخاءه إلى أن جلس بين تسعين جارية.. فكلما وطأ الواحدة منهنّ طلبت المزيد.. فكلما طلبت المزيد أعطاها المزيد.. فكلما أعطاها المزيد استزادت.. فكلما استزادت وهبها فكلما وهبها اكتفت.. فكلما اكتفت واحدةٌ وطأ الثانية إلى أن تطلب المزيد فيعطيها فتستزيد فيهبها فتكتفي فيطأ الثالثة، وهكذا إلى أن يطأ التسعين جاريةِ فيكتفي.. ويستحلب النعنع في الشاي.

فليس إذن.. كلّ دخيل على الصورة أثام غليظ.. كذاب لئم.. قبيح سيئ الخلقِ لا يليق بالمرور أمام الملول.. نجسٌ لا يتطهر.. فإذا كانت ذات نهدين.. وفخذين.. بينهما عش شهيّ.. وسرّة تزيّن بطناً انسيابية.. تتشكل في الذهن ولا تأتي إلا بمزيدٍ من الاسترخاء.. تنمحي لها الذات.. تنمحي وتذوب.

هناك تعليقان (2):

  1. :)

    حلو ده يا شاه


    أمضاء
    دخيلة على الصورة

    ردحذف
  2. لا يا رين أنتِ ممكن تكوني من الحور :) :)

    ردحذف