الثلاثاء، 7 يوليو 2009

النهايات

سألت سلامة أن آخذ بوستراً كان يعلقه بجوار مكتبه في البديل: عرضيٌّ مكتوبٌ عليه "إسكندريّة.. ليه؟!" وصور الممثلين وبخط أكبر "فيلم ليوسف شاهين". أطرق سلامة قليلاً ولكنّه قال: "ماشي يا عم.. ما يغلاش عليك، أحسن ما يضيع هنا". ولكنّه ضاع، بحث أصدقائي لي عنه بعد أن بدأت إجراءات إغلاق الجريدة عمليّاً.. ولكنه كان قد تمزّق، وتشتّت، لم يعد له أي أثر تماماً كما البديل. وهكذا ضاع تعويضي.

--

كان أشرف سخيفاً معي، فحاولت أن أدفعه نحو الخطيئة ليهدأ، أوضحت له خطأه أمام الصغار، نبهته إلى أن رؤساءه لا يرضون عن أدائه، فغضب، شرحت له خطأ وضع العامود، فقال لي أخيراً: "أما نشوف آخر المنيكة بتاعتك". كان لي ما أردت، وقفت أزعق وأرغي وأزبد عن الاحترام والحقوق والإهانة، قلت كلاماً لا أذكره، وغضبت ورفعت مذكرة لرؤسائنا، بدوت كشهيد، الكل يصغي باهتمام لقصتي ثم يفتح فمه معبراً عن الاستياء الامتعاض والاشمئزاز من أسلوب الخطاب، ويتحسر على الجو الذي باتت فيه الصحافة، ويستذكر كيف كانت.. إيه.. إنه الزمن الجميل!

--

كنت حريصاًً على فضح السر، كما كنت حريصاً على كتمانه، كنت أنكر تماماً علاقتي بها، وأنفرد بكل واحدٍ على حده وأؤكد له أني أئتمنه وحيداً على سرّي، وأنني أحبها كما لم أحب أحداً، أتحدث بيقين عمّا ما سيأتي. وهكذا بات الجميع يعلم السر وبات الجميع ينكره. تعلمت عندما انتهت اللعبة أن النهايات آتيةٌ لا بد، ليس الأمر لا مبالاة لكنه يقين بأن النهايات تأتي لتحل محلها البدايات الجديدة، كما انتهى جدي وحل أبي محله، كما سيتهي أبي وسأحل أنا محله، كما انتهى ومبي وحلّ سيلانترو محله، كما انتهت الآلة الكاتبة ليأتِ اللابتوب، كما انتهت المذكرات العتيقة تحت الوسائد ليحلّ محلها بلوجر دوت كوم.

--

تنتهي كل العلاقات، علاقات العمل والصداقة والحب، والتلمذة، ينهيها التوتر، الأخطاء، التفسير المرضيّ للتصرفات، تنتهي ولو حتى إلكترونيا. لم أوفرّ وقتاً أؤكد فيه أني أحبّ فلاناً وأنه علمني كثيرا، دعمني وساندني في وجه الأعداء، إلى أن بشرني الفيس بوك بقرار المسح، جزعت ولكني عدت إلى النهايات، تنتهي كل الأشياء، كل العلاقات اليقينية تنتهي، كل الرغبات وكل اللحظات الغاضبة وكل الكلمات الغبية وكل ردود الأفعال وكل شيء.. لا شيء عصيّ على النهاية. أعدّ نفسي محظوظاً لأنني آلفت كثيراً من النهايات قبل أن تأتي نهايتي أنا!

هناك تعليق واحد:

  1. انته زعلان على البوستر
    انا كنت شايل في درج المكتب اكتر من خمسين كتاب نهبتهم من مكتبة سيد محمود بعلمه وعلى عين القسم كله
    ضاعو
    ما لحقتش اخدهم
    يلعن ابو اللي عمل فينا كده يا صاحبي
    سلامة

    ردحذف